المُلخص
تعتبر الموارد المائية من أهم الموارد الطبيعية وأكثرها حيوية، لما لها من أهمية واضحة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية لأي مجتمعٍ بشري في كل زمان ومكان، لذا فقد كانت المياه والسيطرة على مواردها، أساساً للصراع بين الدول والشعوب منذ زمنٍ بعيد.
تقع فلسطين في النطاق الجاف وشبه الجاف من الناحية المُناخية، حيث انخفاض مُعدلات التساقط المطري، ومحدودية موارد المياه فيها، مما أدى إلى ازدياد الأهمية الإستراتيجية للمياه في المنطقة بوجهٍ عام.
تُشكل الضفة الغربية بظروفها الطبيعية وموقعها الجغرافي، أهمية كبيرة لإسرائيل، حيث تُعتبر الخزان المائي الإستراتيجي بالنسبة إليها.
عملت إسرائيل منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967م، من أجل السيطرة على مواردها المائية، بإقامة المستوطنات فوق أماكن الأحواض المائية الجوفية، وإصدار القوانين والأوامر العسكرية التي تُقيد الإستغلال الفلسطيني للمياه، مما انعكس على الأوضاع التنموية في الأراضي الفلسطينية.
إن التزايد السكاني، وازدياد المتطلبات المائية، مع محدودية الموارد، سيفاقم من الأزمة المائية في المستقبل القريب، خاصة وأن إسرائيل تسعى إلى تحقيق أمنها المائي بسياسة التوسع والإستيلاء. تتمثل مشكلة الدراسة أساساً بظروف المنُاخ الجافة ومحدودية موارد المياه، هذا في ظل سياسة إسرائيلية ممنهجة للسيطرة على معظم الموارد المائية، مما انعكس على الأوضاع الاجتماعية والإقتصادية لسكان الضفة الغربية من الفلسطينيين، مع توفر كامل احتياجات المستوطنات الإسرائيلية من المياه وبأسعار وطرق مُيسرة بهدف دعم المشروع الإستيطاني، والسيطرة الكاملة على الأرض والموارد.
وبناءً على ما تقدم فقد هدفت هذه الدراسة إلى محاولة التعرف على مُعطيات الواقع والأسس التاريخية للصراع المائي في فلسطين، بهدف ربط الزيادة السكانية مع المتطلبات المائية، وأثر ذلك على الإستقرار المستقبلي في منطقة الدراسة.
كذلك هدفت الدراسة إلى كشف مخططات إسرائيل في السيطرة على موارد مياه المنطقة ومحاولة إيجاد إستراتيجية فاعلة لمواجهة هذه المخططات، وذلك من خلال استخدام المنهج التاريخي في معرفة جذور المشكلة المائية في منطقة الدراسة ومتغيراتها، وكذلك المنهج التحليلي والوصفي بهدف دراسة البيانات الرقمية تحليلاً وتفسيراً، وتوضّيح نتائج السياسة المائية الإسرائيلية على مُجمل الأوضاع الفلسطينية، والوصول إلى النتائج والتعميمات التي تمثلت في تأكيد محدودية وشح الموارد المائية، وظروف الجفاف السائدة، في ظل تسخير إسرائيل للموارد المُتاحة لصالح مشاريعها الإستيطانية والتنموية، حيث تُشكل الضفة الغربية بما تحويه من أحواض جوفية أهمية حيوية واستراتيجية بالنسبة لإسرائيل وأمنها المائي، كما تُمثل موارد مياه الضفة شريان الإستيطان الإسرائيلي الرئيس فيها، كما بينت نتائج الدراسة أن سياسة إسرائيل المائية في الضفة الغربية، قد أعاقت النمو الإقتصادي فيها، وألحقت أضراراً كبيرة على الأوضاع التنموية والإجتماعية لدى الفلسطينيين.
إن الصراع المائي الفلسطيني الإسرائيلي هو صراع بقاء على الأرض والمياه، وعليه فهو يمثل صراع الوجود على هذه الأرض، مع الأخذ بالإعتبار الأزمة المائية الحادة في المستقبل القريب بسبب الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية واحتمالات الصراع والتأزم القائمة، وعليه فمن واجب المسؤولين الفلسطينيين العمل على وضع إستراتيجية فاعلة لمواجهة التحديات المائية على الصعيد المحلي، بتطوير وتنظيم طرق استغلال وإنتاج وتوزيع المياه، باستخدام التكنولوجيا المائية الحديثة، التي تزيد من كفاءة الإستخدام المائي وتقلل من الفاقد، وكذلك على الصعيد الإقليمي والدولي بضرورة إيجاد استراتيجية عربية موحدة ومتكاملة لاستغلال موارد المياه واسترداد الحقوق المائية، سيما حقوق المياه في منظومة حوض نهر الأردن والأحواض الجوفية، وذلك من خلال مشاريع المياه الهادفة إلى إعادة توزيع وإستغلال المياه كأساس قانوني وشرعي أمام العالم والمؤسسات ذات العلاقة، وضرورة إلزام إسرائيل بالقانون الدولي بخصوص المياه، وإظهار نتائج وانعكاسات السياسة المائية الإسرائيلية على الأوضاع السكانية والتنموية في المنطقة.
اشتملت الدراسة في الفصل الأول على منهجية البحث وأُسلوبه. أما الفصل الثاني فقد تعرض للخصائص الجغرافية والهيدرولوجية لمنطقة الدراسة، ومصادر المياه، والتوزع الجغرافي للأحواض الجوفية في الضفة الغربية.
خُصص الفصل الثالث لدراسة الفكر السياسي الإسرائيلي بخصوص المياه، متضمناً استراتيجية إسرائيل المائية في الضفة الغربية، والمُخططات والمشاريع المائية، والأطماع الإسرائيلية في المياه العربية المجاورة.
أما في الفصل الرابع، فقد تم التركيز على الإستيطان كأحد أهم الوسائل للسيطرة على الأرض ومواردها، وكذلك دراسة المشاريع الإستيطانية في الضفة الغربية بعد عام 1967م، والموازنة المائية العامة.
وقد تناول الفصل الخامس، مستقبل الوضع المائي في الضفة الغربية، في ضوء السياسة المائية الإسرائيلية، والمفاوضات السلمية العربية الإسرائيلية بخصوص المياه.
وفي الفصل السادس تم إظهار أهم النتائج والتوصيات بخصوص موضوع الدراسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق